إن كلمة (توبوا ..!!) تحمل في طياتها ما تحمل من رياح الله وأنفاسه واهتمامه الشديد بالإنسان ، هي كل مشاعر الله الحلوة مصحوبة في لفظٍ واحد !!
(فتوبوا…!!) يسمعها البعض ويتحرك ضميره نحو الله ويبدأ في المسيرة لكي يُرضي توبوا ، ولكنه سرعان ما يتعثر ويكتشف عدم إمكانية رضائها بالكامل .. ولكنه لا يستطيع أن ينساها فهي تلاحقه من آن لآخر (توبوا …!!) ، وبعضهم لا يعطيها أي اهتمام عند سماعها ، ولكنها لا تتركه لا في سيره ولا جلوسه ، بل تلاحقه في ألطف ساعات نومه لتوقظه (توبوا …!!)
(توبوا …!!) هذه تُطالب بحقها ، ففي أيام نوح أغرقت العالم بطوفان عظيم لأنه لم يسمعها إلا ثمانية أنفس ، وفي أيام لوط أمطرت ناراً وكبريتاً على عالم يعيش بالشر والإثم في سدوم وعموره ، وفي أيام يونان أخرجته من بطن الحوت ليُنادي بها في نينوى البلد العظيم [ فنادوا بصوم ولبسوا المسوح ، حتى الملك قام عن كرسيه وخلع ردائه عنه وتغطى بالمسوح وجلس على التراب فقبل الله توبتهم بعد هذا المنظر المحزن ] (يونان 3) ، وقالها يوحنا المعمدان ليعد الطريق للمسيح [ فخرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المُحيطة بالأردن واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم ] (مت3: 5و 6) ، ولكن نبراتها حادة [ يا أولاد الأفاعي ] (مت3: 7) ، [ لقد وضعت الفأس على أصل الشجرة، فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار ] (مت3: 10)
(فتوبوا …!!) هذه تريد الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون ، هي سرّ التقوى التي تُنادي في الشوارع والأزقة والميادين والمدن والقرى ، فهي شخص قوي جبار من يستطيع أن يوفي حقها ويتمم مقاصدها ؟ أنها تقبله جداً ، فهي تلبس المسوح ولا تُعطي للعيون نوماً ولا للأجفان نُعاساً ولا راحة للصدغ بل تعويم السرير بالدموع … (مزمور: 132) .. آه آه
ولكن (توبوا…!!) هذه أي (سر التقوى) تمت مطالبها بصورة عجيبة جداً ، تعالوا بنا يا إخوة لنرى من الذي وفى حقها ونؤمن به ونعيش له [ وبالإجماع عظيم هو سر التقوى (توبوا…!!) الله ظهر في الجسد ] (1تس3: 16)
فشخص المسيح هو هو سر التقوى (توبوا…!!) فقال بحق وبجداره (من منكم يبكتني على خطية) (يو8: 46) (ومن ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول (توبوا…!!) (مت4: 17) ولكن (توبوا…!!) هنا لا يُلاحقها مسوح ولا دموع وقطع بالفأس وإلقاء في النار ، بل هي قوة غفران وتبرير ومصالحة مع الله [ الشعب الجالس في ظلمة أبصر نوراً عظيماً والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور ] (مت4: 16) .
(فتوبوا …!!) هنا [ اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم ] (لو2: 10) ، (توبوا…!!) هنا غاية الحب والاتضاع ، مشاركة لنا في أحقر مستوياتنا [ طفلاً مقمطاً مضطجعاً في مزود ] (لو2: 12) … يا للحب .. يا للحب
(فتوبوا…!!) تغنوا بها الآن جميعاً يا لجمالها كلمة . تترك بصماتها في القلب في سر عجيب . آه ! أنها شخص حبيب جداً …
تعالوا إليه . أنها قادرة الآن وبجداره أن تصنع من الزناة رهباناً وقديسين ، ومن اللصوص أمناء إلى الموت لينالوا إكليل الحياة ، ومن محبي العالم الشرير إلى من أبغضوا حتى الثوب المدنس من الجسد ، ومن المتكبرين أروع السائرين على درب الاتضاع والانسحاق اللذين أذهلوا العالم باتضاعهم وغسلهم لأرجل عبيدهم ، ومن المبغضين من يقيمون الصلوات والطلبات والدموع من أجل مضطهديهم ورازليهم .
فهيا بنا نتغنى !!!
توبوا…!! [ يا بني مغفورة لك خطاياك ] (مر2: 5)
توبوا…!! [ لا أذكر خطيتهم بعد ] (إر21: 34)
توبوا…!! [ إيمانك قد خلصك اذهبي بسلام ] (لو7: 5)
توبوا…!! [ كل من لمسه شُفيَّ ] (مر6: 56)
توبوا…!! [ بلا فضة ولا ثمن ] (أش 55: 1)
توبوا…!! [ لم يأتِ ليُهلك أنفس الناس بل ليُخلِّص ] (لو9: 56)
توبوا…!! [ لأني لم آتٍ لأدعو أبرار بل خطاة إلى التوبة ] (مت9: 13)
توبوا…!! [ يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ] (لو23: 34)