Category Archives: نبذات روحية قصيرة
نبذات روحية قصيرة : لتوبة الخطاة، وبُنيان وتعزية المؤمنين في الروح
حيـــــاة القداســــة
حيـــــاة القداســــة
+ القداسة في أصلها هي هبة المحبة الكاملة بين الله والإنسان، وهذا يشمل ملء الروح القدس. لذلك القداسة تتضمن تجديد النفس وتغييرها. وفيها تتوجه الرغبات والميول والأفكار والأهداف نحو الله، بحيث تتحطم قوة محبة الخطية من داخل قلب الإنسان، وتُصبح الطهارة والبرّ والصلاح رغبة وصرخة القلب القوية.
+ والقديس بولس الرسول يُصلي للتسالونيكيين ويقول: [ وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح ] (1تسالونيكي 5: 23)، حيث (يقدسكم) هنا تُفيد معنيان (1) الفرز والتخصيص، (2) التطهير والتنقية.
وإن كان المعنيان متلازمان، ولكن المقصود هنا هو التطهير والتنقية، والمقصود بها قوة التحرير الكامل من الفساد الروحي، وأيضاً الكل كاملاً، وأيضاً لكل الأغراض والمقاصد، وأيضاً جميع قواكم مجتمعة ومجزأة، وأيضاً كل جزء منكم بالتمام.
هنا يقف الإنسان عاجزاً عن هذا العمل العظيم، ولئلا يظن أحد أنه يقدر بذاته أن يفعل ذلك، يُلاحقنا القديس بولس بالقول: [ أمين هو الذي يدعوكم، الذي سيفعل أيضاً ] (1تسالونيكي 5: 24)
+ فالله في طبيعته قدوس وبار [ من مثلك بين الآلهة يا رب. من مثلك معتزاً في القداسة ] (خروج 15: 11). وفي طبيعة الله القدوس تعني هنا الخلو الكامل والتام من الخطية مع الطهارة التامة، وهي أهم وأخص صفات الله، وتُميزه بنوع كُلي عن جميع الآلهة الوثنية، وتجعله يكره المعصية والخطية ويُعاقب الخاطئ.
+ والله خلق الإنسان على صورته كمثاله (شبهه) أي خلقه في البرّ والقداسة [ وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ] (تكوين 1: 26).
ومع أن الله يرفق بضعفتنا متذكراً بأننا تراب ولم نحفظ صورة الله، بل شوهناها، بل وفقدنا مثاله فينا [ لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن ] (مزمور 103: 14)
ولكنه مع ذلك يُطالبنا ويُريد قداستنا كأمر هام ومُلح لحياتنا وشركتنا وعلاقتنا معه [ ويكون الذي يبقى في صهيون (رمز الكنيسة المسيحية) والذي يُترك في أورشليم (رمز لمدينة الله السمائية) يُسمى قدوساً كل من كُتب للحياة في أورشليم ] (أشعياء 4: 3)
+ آدم الذي خُلق على صورة الله كمثاله فقد قداسته بالسقوط من حالته المخلوق عليها وسقطت في صُلبه البشرية كلها من هذه القداسة [ من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع ] (رومية 5: 12)
فأصبح مركز شخصية الإنسان هو ذاته الفعلية ونتاج حياته (أي قلبه)، أي كلها دنس وموت وفساد، فصار العيب كله يصدر من القلب، من الداخل وليس من الخارج، وكذلك تدنست روح الإنسان، فصرخ الإنسان بسبب نبع حياته الشرير أي الخطية، وذلك الصراخ إلى الله قائلاً: [ قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي ] (مزمور 51: 10)
فلا بد إذن من خلق قلب جديد في داخله، وروحاً مستقيماً في أحشائه، ولا ينفع تصليح أو ترميم القديم، لأن القديم الساقط لا يُمكن أن يُخرج الصالحات لأنه ميت، فلا بد إذن من إنسان جديد حي بالله.
+ من هُنا، فالقداسة تبدأ مع تغيير القلب وتقديس الروح [ وأما نحن فينبغي لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الإخوة المحبوبون من الرب أن الله أختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق ] (2تسالونيكي 2: 13)
+ فالعلاج الأساسي للقداسة هو الوصول للمسبب أي القلب بالتجديد الدائم، والروح بالاستقامة التامة، ولكن هُناك علاقة بين القلب (مركز شخصية الإنسان وذاته وضميره) وبين الذهن (وهو المُنظم الواضح بين العقل والروح) المنظم الحي لحركة العقل والبصيرة في الإنسان.
+ فلو كان ذهن الإنسان به عيب فحتى لو كان له عقل راجح وبصيرة قوية، فلا بد أن تخلو حياته من الرفعة الروحية والقداسة. وسيقضي الإنسان أيامه في حماقة وتعثر ولا يقدر أن يعبر عن ما في داخله بصدق، فالعيب هنا: ذهن لا يتحرك ولا يسير بقوة التغيير والتجديد الذي يناله الإنسان من الله [ كل شيء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهر بل قد تنجَّس ذهنهم أيضاً وضميرهم، يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون ] (تيطس 1: 15)
+ لذلك لابد للإنسان الروحي أن يستمد عمل الروح بذهنه ويعيش به في كل حياته، لأن الروح القدس المُقدِّس يعمل في الذهن والقلب اللذان يُغيران الإنسان [ تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم ] (رومية 12: 2)
+ وبذلك يظل الروح القدس عاملاً في الذهن والضمير والقلب والفكر بنداء صوت الله القوي ضد أعمال الجسد الشرير والخطية بصفة عامة وذلك للتقديس [ اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد ] (غلاطية 5: 16)
+ وبسيادة الروح القدس على الذهن الروحي في الإنسان وقبول تبكيته والاستجابة لمشورته يمتد عمل الروح من الذهن إلى أعمال الجسد وكل ملكات الإنسان ويُمارس الإنسان القداسة بفرح ومسرة [ أُسرّ بناموس الله بحسب الإنسان الباطن (الداخلي الجديد) ] (رومية 7: 22)، [ وبذهني أخدم ناموس الله ] (رومية 7: 25)
+ وباستمرار الإيمان بخلاص الله لنا في المسيح ومحبته يكون ذلك تأكيد الروح لقداستنا ويعمل على تأجيجها فينا دائماً [ كما اختارنا فيه (في المسيح) قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة ] (أفسس 1: 4)
+ فالمسيح هو مصدر قداستنا وهذا ما يشهد به الروح القدس فينا [ بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة ] (1بطرس 1: 15)
[ ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء ] (1كورنثوس 1: 30)
[ الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ] (غلاطية 5: 24)
+ فهذا هو المسيح الغالب والمنتصر على الخطية والموت، والقائم من الأموات والمُعطي الروح القدس بالنفخة السرية من خلال أسرار الكنيسة المقدسة أي المعمودية والتوبة والإفخارستيا.
[ إذاً أن كان أحد في المسيح يسوع فهون خليقة جديدة (مقدسة). الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً ] (2كورنثوس 5: 17)
أخيراً: [ اتقوا الرب يا قديسيه لأنه ليس عوز لمُتقيه ] (مزمور 34: 9)
الحياة بالروح القدس – بمناسبة عيد حلول الروح القدس
الحيـــــاة بالـــــروح القـــــدس
الله الذي قدم لنا الفداء بابنه الرب يسوع المسيح الذي مات من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا، ثم صعد إلى السماء، وقبل صعوده قال: [ لا أترككم يتامى. إني آتي إليكم ] (يوحنا 14: 18).
المسيح بذلك صعد إلى السماء وأرسل لنا كوعده الصادق الروح القدس، ليُحقق فينا عمل الفداء وحياة القداسة التي بدونها لن يُعاين أحد الرب، وبذلك لم يتركنا يتامى حتى نُعاينه في مجده الآتي.
يعلن القديس بولس الرسول عن خمسة علامات للروح القدس، ويُعطينا أعمق الاختبارات المسيحية، وهي واضحة في رسالته الثانية لأهل كورنثوس إذ يقول:
[ لكن الذي يُثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله، الذي ختَمنا أيضاً وأعطى عربون الروح في قلوبنا ] (2كورنثوس1: 21، 22)
[ ظاهراً أنكم رسالة المسيح مخدومة منَّا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي. لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية ] (2كورنثوس3: 3)
[ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)
عزيزي القارئ أرجوك لتفتح قلبك إلى هذه الكنوز الإلهية الموهوبة لنا بروح الله القدوس لكي تحصُل على أمجادها وقوتها في حياتك الروحية وهي:
أولاً: المسحة: [ الذي يُثبتنا معكم وقد مسحنا هو الله ] (1كورنثوس 1: 21)
إن الرب يسوع هو (الممسوح) طبقاً لاسمه (المسيح) وحسب الأسفار المقدسة التي تُخبرنا أن مسيح تعني ممسوح.
الشخص المسيحي اعتمد ولبس المسيح وانتمى للمسيح الممسوح بالروح القدس، حيث كانت المسحة في طقوس العهد القديم تتم في تخصيص وإفراز وتدشين ثلاثة من قادة الشعب في العهد القديم وهم: النبي – والكاهن – والملك.
فالنبي: كان يُمسح ويُفرز حتى يشهد لِما يُعلنه الله لهُ ويسعى لتطبيق مشيئة الله، وبذلك وهبنا الروح القدس هنا بنعمة لنعمل به إرادة الله في حياتنا مُتممين الشهادة الحيَّة لما يُعلنه لنا بكلمته المباركة.
والكاهن: يُمسح ليقوم كوسيط بين الله والشعب، ويُصلي شافعاً في الآخرين، ونحن صرنا بمسحة الميرون لنا صِفات كهنوت الله المقدس لنقترب منه ونعبده منكسرين عند قدميه، مقدمين صلاة وعبادة دائمة، بخور الإيمان والمحبة؛ بل ونرفع قلوبنا حاملة آلام الآخرين وخطاياهم وحاجاتهم أمام عرش النعمة، وبذلك نشترك في كهنوت ربنا ومُخلصنا يسوع المسيح.
والملك: يُمسح ليحكم باسم الله، ويكون مثالاً للرب لدى الشعب، ونحن نُلنا بالمسحة المقدسة، أن نكون كهنوت ملوكي لله، لتكون حياتنا منتصرة بقوة على الذات والخطية والتجارب والمشقات. وهذه هي شرف دعوتنا العُليا وبها نكون ملوك حقيقيين في حكم حياتنا بصدق وأمانة إلى المنتهى.
وهكذا ننال بالمسحة هذه الحياة في خدمات ثُلاثية مُباركة.
بل نجد أن رسم المسحة له يُعطينا مع هذه الخدمات الثلاثة ما هو أبدع أيضاً فيعطينا:
(1) مسحة الابتهاج: [ من أجل ذلك مسحك إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رُفقائك ] (مزمور 45: 7)
(2) مسحة للشفاء: [ أمريض أحد بينكم فليدعو شيوخ الكنيسة فيصلُّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب، وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يُقيمه، وأن كان قد فعل خطية تُغفر لهُ ] (يعقوب5: 14، 15)، وهذا ما تُمارسه الكنيسة في سرّ مسحة المرضى.
وبهذا يقول الإنسان بكل فرح وإيمان مع المسيح: [ روح الرب عليّ لأنه مسحني لأُبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب. لأُنادي للمأسورين بالإطلاق وللعُمي بالبصرّ وأُرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة ] (لوقا4: 18، 19)
وهذا ما نصرخ به مع القديس بولس قائلين: [ الذي يُثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله ] (2كورنثوس1: 21)
ثانياً: الختم: [ الذي ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح في قلوبنا ] (2كورنثوس1: 22)
* الختم كان له صلة بكل الاصطلاحات التُجارية في كل عصرّ، ويُستعمل للتصديق والتثبيت، وبه يَثبُت المؤمن الذي يعيش مع المسيح بصدق، وذلك بِخَتْمهِ بختم الله وطابعه، وذلك شهادة لقبوله وتصديقاً لإخلاصه.
* والختم علامة للتملك، وبذلك فالروح القدس عندما يختمنا، فإنه يفرزنا ويُكرسنا للهن ويُعلمنا أننا لسنا بعد لذواتنا، ولكننا صرنا خاصة الله، اشتراها المسيح له المجد بدمه الذكي الثمين، وعليه أن نحيا بكل قلوبنا لمجده وخدمته.
* والختم عندما تظهر علامته على شمع الختم، فهو تعبير عن الحقيقة التي في الختم، وهكذا يحوَّل الروح القدس الذي يختمنا، النظريات الروحية إلى حقائق اختبارية في إحساسنا ومداركنا وذهننا الروحي وإرادتنا.
* والختم ينقل الرسم الذي عليه وبذلك يمنحنا الروح القدس، ويمنح لنا قلوباً تُرسم عليها شخص الرب يسوع المسيح، مما يطبع حياتنا بطابع صفاته مع مراعاة ضرورة أن يكون الشمع ليناً لتتضح الصورة عليه، الروح القدس من عمله أن يُلين قلوبنا حتى تتضح صورة المسيح الحبيب فيها، ولا تكون قاسية فيكسر القلب الصلب ويُلينه دائماً.
* فعلينا أن نأتي ونختم تعهدنا الإلهي بقبولنا لعمله فينا [ ومن قبل شهادته فقد خُتم أن الله صادق ] (يوحنا 3: 33)
وبذلك يأتي الروح القدس ويُصَّدَق على أمانتنا ويضع ختمه المجيد على ختمنا الضعيف الذي ختمناه بضعفنا وأيدينا المرتعشة، وعليه يكون الختم مزدوج، وهكذا نكون قد خُتمنا بالتمام ليوم الفداء حيث يأتي المسيح ويرى فينا هذا الختم ويدخلنا إلى ميراث قديسيه في النور.
ثالثاً: العربون: [ وأعطانا عربون الروح في قلوبنا ] (2كورنثوس 1: 22)
* فالعربون جاءت من العبرية ولها مغزى هام ونُقلت بمعناها إلى كل اللغات تقريباً، وايضاً إلى اللغة اليونانية.
* وتُمثل كلمة العربون القسط الأول في عملية الشراء، فعند شراء أي شيء فعلى الشاري أن يدفع مبلغاً فيلتزم البائع بأن يُتمم شروط العقد، كما يلتزم الشاري على دفع الأقساط كاملة، حتى النهاية. فعلينا المثابرة لتحقيق كامل الميراث الموعود به من الله لنا.
* فالروح القدس كعربون هو لنا قسط من الثمن، وايضاً عربون تام لميراثنا السماوي الكامل. فهو باكورة الحصاد. أي أنه القسط الأول من ميراثنا، يسكن في قلوبنا وحياتنا، مؤكداً لميراثنا السماوي الكامل، والفرق فقط في القياس والدرجة، فالعربون يُحمل كبذرة كل الميراث، والميراث هو لنا كمال نمو حياة هذه البذرة في ملكوت السماوات، فهو بذلك:
(1) يؤكد في قلوبنا أنه عربون ميراثنا السماوي الروحي الذي ستقدمه لنا السماء في المجد على حساب عمل المسيح الكامل.
(2) ولكن يوضح لنا القديس بولس أن هُناك فرق بسيط جداً فيقول: [ ولكن الذي صنعنا لهذا عينه هو الله الذي أعطانا عربون الروح ] (2كورنثوس 5: 5). فهنا لم نحصل بعد على ميراثنا الروحي كاملاً، ولكننا بالعربون نثق في نوال ميراثنا الطبيعي في الله في المجد. هذا هو ما سنلبسه من جسد المجد (القيامة) الذي سيعطيه لنا رب المجد يسوع في منزلنا السماوي الذي مضى ليعده لنا
* فهُنا يمنح عربون الروح القدس قوة تعمل فينا من أجل البهجة والتقوية والمُثابرة، فيجعل حياتنا الحالية تتشرب قوة وحياة إلهية ونُصرة على كل الآلام والأمراض إذ يمنحنا شيء سابق من هذا المجد ونحن نسعى لمجد القيامة، فنكون بذلك [ غير متكاسلين في الاجتهاد حارين في الروح. عابدين الرب ] (رومية 12: 11)
رابعاً: رسائل المسيح: [ ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي لا في ألواح حجرية بل في الوح قلب لحمية ] (2كورنثوس 3: 3)
* هُنا ينقل الروح القدس الساكن فينا صفات الرب يسوع المسيح وسجاياه وحياته في ألواحنا (قلوبنا) الحيَّة، إلى قلوب وحياة الآخرين الذين يروا فينا شخص المسيح الحي.
* فيصير بذلك كل واحد فينا رسالة للمسيح منقولة للآخرين، يقرأه كثيرون ككتاب مقدس. فهذا عمل الروح القدس في كل إنسان مؤمن حقيقي يعيش للمسيح بصدق.
* بالروح القدس ننقل بذلك للعالم الذي نعيش فيه رسالة محبة المسيح الحيَّة ومشيئته المقدسة لخلاص العالم.
* بمعنى آخر نصير نحن مكتوبون كرسالة حيَّة بإصبع الروح القدس الساكن فينا. فإن كانت الألواح الحجرية الذي كُتب عليها الناموس الموسوي صارت مُقدسة ووضعت بعناية شديدة في تابوت العهد حفظاً لها وتأميناً لسلامتها فكم بالحري نكون نحن الآن الذي كتب الروح القدس على ألواح قلوبنا اللحمية كرسالة منقولة للعالم فيها حياة يسوع ذاتها، والمودَعة في حياتنا المقدسة لله (أي تابوتنا) وذلك حفظاً وصوناً وتأميناً لسلامة حياة هذه الرسالة ونقلها إلى قلوب الناس بلا عيب فيها.
* كم إذاً يا إخوتي يحتاج الأمر لقبول الرسالة، وحفظها وصونها ونقلها كحياة مقدسة عاملة بالروح القدس، وامينة وحكيمة وثابتة. حتى تُعرف وتُقرأ من جميع الناس ونقدم المسيح إلى العالم الذي يجهل عمل الفداء المُبارك ونعمته المُخَلِّصة الغنية.
* يا رب ساعدنا أن نكون حاملين ألواح قلب لحمية، وليست حجرية صلبة فتنتقل حياتك يا يسوع بهدوء إلى العالم. وبذلك نكون حقيقةً رسائل حية ليسوع المسيح بالروح القدس العامل فينا.
خامساً: صور للمسيح: [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير لتلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)
* حقيقةً، نحن بالروح القدس لسنا فقط رسالة مقروءة من الجميع، ولكن رسالة مصورة بصور ورسوم حيَّة فعَّلة.
* هذه الرسالة المصورة توجد في وسط كتاب حياتنا صورة حية يعمل فيها الروح القدس باستمرار ليُتممها ببراعة، حيث فيها يُعلن للعالم مجد يسوع ذاته ويُخفينا نحنُ تماماً، فتظهر صورة المسيح الحي على وجه بشريتنا الناضحة من أعماق قلوبنا فتُصبح الحياة لنا مثالاً حياً للعالم من مجد ربنا فينا.
* فعلينا نوال هذا الشَبَّه العظيم أن نستمر بالنظر في وجه يسوع والتركيز والتحديق فيه بالروح القدس. وعليه يعكس الروح مجده على ملامحنا ويرسم شبهه ومثاله على حياتنا وسلوكنا.
* هذا التفرُّس في وجه الرب يسوع المسيح يكون بوجه مكشوف، حيث لا يوجد بيننا وبينه أي عائق أو برقع أو حجاب أو سحاب. فلابد أن نصغي جيداً للروح القدس وهو يُرشدنا أن نطرح جانباً ما فينا من العالم والجسد وكل عائق، بل نصلبه تماماً بقوة صليب المسيح المبارك وبعمل الروح القدس فينا.
* وعندما نندمج بالمسيح ونثبت في شركته وعِشرته ترتسم فينا صفاته ومثاله وشبهه. من هُنا نقف أمام العالم صورة المسيح الحيَّة، ولسنا فقط رسائل حيَّة.
* نحن بذلك نصير بالروح القدس أسفاراً موضحة برسوم وصور فيها نُعلن للعالم مُخلصنا المُبارك والمجيد، كما أعلن هو اباه القدوس إذ هو صورة الله ورسم جوهره [ الذي (المسيح) وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس عن يمين العظمة في الأعالي ] (عبرانيين 1: 3)
أحبائي اسرعوا في نوال صورة المسيح فيكم بالتفرس في وجهه بالروح القدس الساكن فينا، لتكون الشهادة الحيَّة للمسيح في هذه الأيام .
* ونراعي أن هذه الصورة يؤلفها الروح القدس فينا، يوماً بعد يوم تزداد وضوحاً وجمالاً، أي من (مجد إلى مجد) إلى أن تغوص بعد ذلك في مجد السماء عند مجيء المسيح ليأخذنا له.
* آه يا سيدي الرب هل من ملء الآن لنا نحن عبيدك الصغار. نصرخ إليك املأنا بروحك نحن أولادك الماثلين بين يديك. نلح ونصرُخ ونطلب المسحة، والختم، والعربون، والرسائل الحية، والصورة الحيَّة
يا سيدي الرب يسوع إلى وجهك أيها المُخلِّص الصالح ننظر، أطبع فينا ملامحك ورسالتك وصورتك، هذه هباتك لنا نحن البشر الضعفاء. حمداً وشكراً لك يا مُخلصنا .
المهندس فؤاد فريد قلته
الأحد 3 يونيو 2012م – 26 بشنس 1728 ش
عيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس
إنارة الله وبره مقالة خاصة بمناسبة رأس السنة الجديدة 2012
+ الله بار وإرادته ورغبته تبرير الخاطئ، فهو بذلك يُعلن عن بره ليكون باراً وذلك في طول أناته وحلمه وإمهاله، حتى يصفح للخاطئ عن خطاياه السالفة [ الذي قدمه الله (الآب من فرط طول أناته قدَّم ابنه) كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله، لإظهار بره في الزمان الحاضر، ليكون باراً ويُبرر من هو من الإيمان بيسوع ] (رو3: 25، 26).
+ نجد بذلك حتى من العهد القديم بطول تاريخه كله إنما هو زمان احتمال الله خطايا شعبه بل وخطايا الأمم كلها، حتى يأتي ملء الزمان ليُقَدَّم برّ الله الخلاصي لآنية الرحمة الذي سبق فأعدها للمجد [ فماذا إن كان الله وهو يُريد أن يُظهر غضبه ويُبين قوته احتمل بأناة كثيرة آنية غضب مُهيأة للهلاك، ولكي يُبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد، التي أيضاً دعانا نحن إياها، ليس من اليهود فقط بل من الأمم أيضاً ] (رو9: 22 – 24).
+ حتى الآنية المُهيأة للهلاك يطيل الله صبره وأناته عليهم، رغم أنهم وضعوا أنفسهم في وضع يجعلهم للهلاك برفض نداء كلمة الله لهم لتوبتهم وخلاصهم [ الذين يعثرون غير طائعين للكلمة الأمر الذي جُعلوا له ] (1بط2: 8)
+ نجد بذلك أن الله لا يترقب خطايانا لكي يمسكنا بها ويُعاقبنا عليها، بل تؤكد لنا نبوات العهد القديم عن أناة الله ومحبته الملتحفة بالرحمة الجزيلة، الداعية للتوبة والخلاص [ الله رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة ] (مز103: 8)
+ حتى الأنبياء في العهد القديم وهم ينذرون بالغضب والدينونة على الخطية، ولكن بالأكثر جداً يركزون على غفران الخطايا، كما هي طبيعة الله الحقيقية، بل أن الله الذي لا يتغير ولا يتبدل يظهره الأنبياء في استعداده الكامل والتام في الرجوع عن تهديداته بالغضب والدينونة وهو ينتظر رجوع الخاطي ليرفع عنه الغضب ويفتح أحضانه في قبوله للخلاص [ مزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف ورحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشرّ (قف هنا وانظر اتجاه قلب الله نحو الخاطئ)، لعله يرجع ويندم (أي يحن ويُشفق) فيُبقي وراءه بركة تقدمة وسكيباً للرب إلهكم (السكيب = الخمر التي تنسكب على المذبح) ] (يوئيل2: 13، 14)، [ أطلبوا الرب ما دام يوجد أدهوه وهو قريب ] (أش55: 6)
المسألة عزيزي القارئ أن تشعر باحتياجك لحضن الله وتنسكب أمامه في انسحاق واتضاع بالروح، وسوف ترى كم يُحيي الرب روح المتواضع وقلبك المنسحق [ لأنه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه. في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لأُحيي روح المتواضعين ولأُحيي قلب المنسحقين، لأني لا أُخاصم إلى الأبد ولا أغضب إلى الدهر ] (أش57: 15، 16)
+ هذا ما يوضحه تدبير الله الذي صبر على خطية الإنسان حتى أرسل ابنه متجسداً ليرفع عنه خطاياه وذنوبه، ويُخلصه من حكم الناموس الذي كان يحكم بالعدل دائماً على خطاياه، وبذلك يتبنى الإنسان للحياة الأبدية [ ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنهُ مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدي (يحرر) الذين تحت الناموس (أي تحت حكم عدل الناموس) لننال التبني ] (غلا4: 4، 5)
+ جاء إذاً البر متجسداً في شخص يسوع المسيح، ونجده يوبخ تلميذيه يعقوب ويوحنا عندما طلب أن تنزل نار من السماء كما كان عقل الإنسان المشبع بصورة خاطئة عن دينونة الله فقط من الخطية، وذلك ليفنى قرية السامريين الذين لم يقبلوا المسيح لديهم، رغم أنه يُريد أن يُعلن خلاصه لهم [ فالتفت وانتهرهما وقال: لستما (أو ألستما) تعلمان من أي روح أنتما، لأن ابن الإنسان لم يأتي ليهلك أنفس الناس بل ليُخلص ] (لو9: 55، 56)
وكذلك من قبل شجرة التين غير المثمرة لمده ثلاث سنين (آخر ما يُمكن الانتظار عليها) فطلب صاحبها من الكرام (يمثل بر الله في المسيح) أن يقطعها [ فأجاب (الكرام) وقال له يا سيد اتركها هذه السنة أيضاً حتى أنقب حولها وأضع زبلا (أي حتى يصلها برّ الله في المسيح بقوة الفداء) ] (لو13: 8)
ومثل الابن الضال الذي يُمثل حالة السقوط والبعد عن أبوه الله بإرادته، ثم انتظار الأب لرجوعه، ليُقدم بره له، ويفرح به ويقبله ابناً حقيقياً له، غير ذاكراً له سقوطه إطلاقاً، وهذا ما قاله الأب للابن الأكبر الذي اعترض على فرح الأب برجوع الابن الضال فقال له الأب [ كان ينبغي أن نفرح ونُسرّ لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد ] (لو15: 32).
+ عزيزي القارئ افتح قلبك وفكرك فأن الله الذي أعلن لك بره في شخص ابنه يسوع الذي تجسد ومات وقام لأجلك يُبررك ببره المجاني، ووعد أن يأتي ثانية ليأخذ أولاده المبررين ببره بالإيمان الحي والحياة الأمينة لكي يرثوا معه ملكوته حتى تنال نصيب الأبرار مع القديسين في المجد.
+ عزيزي القارئ الله أيضاً مازال متباطئ في مجيئه الثاني كما يبدو ليأخذ الأبرار، ولكن هذا أيضاً طبيعة تأنيه، لأنه لا يُريد أن يهلك أحداً بل أن يأتي الجميع إليه بالتوبة والإيمان، وهذه الفترة هي زمان الخلاص الممتد بأناة المسيح لكي نصبر ونستعد لمجيئه الذي يبدو أنه على الأبواب حسب علامات الأزمنة [ لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أُناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة، …، واحسبوا أناة ربنا خلاصاً ] (2بط3: 9، 15)
+ علينا إذن أن نعي هذا جيداً أنه ما دام الله مستمراً في دعوته لنا للبرّ والخلاص وهو يتأنى علينا حتى الآن، ولا يُريد أن يأتي في يومه المخوف المملوء مجداً قبل رجوع من يسعون من الناس لسماع كلمته بصدق لأنهم يريدون الدخول إلى راحته [ لذلك يقول الروح القدس اليوم ان سمعتم صوته، فلا تقوسوا قلوبكم ] (عب3: 7)
+ [ فلنجتهد أن ندخل إلى تلك الراحة لئلا يسقط أحد في عبرة (أي مثال العصيان الذي عصاه شعب الله قديماً) العصيان هذه عينها ] (عب4: 11)
+ أيها المجاهدون لكم الآن تشجيعاً عظيماً من رئيس كهنتنا العظيم الرب يسوع المسيح الجالس عن يمين العظمة في الأعالي، وهو قادر أن يرثي لضعفاتنا. تعالوا إليه بثقة فستجدوا منه الرحمة والعون في وقته (فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السماوات يسوع (لاحظ أنه اتخذ اسم مُخلِّص أي يسوع واجتاز بإنسانيتنا المفتداه إلى السماوات) ابن الله (أي أنه في نفس الوقت إله) فلنتمسك بالإقرار (حيث اختار الله قديماً هارون وبنيه كمثال ليكهنوا له – خر28: 11)، لأنه ليس لنا رئيس كهنة غير قادر (مثل كهنوت هارون الذي لا يقدر أن يُبرر) أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية، فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد عوناً في حينه ] (عب4: 14 – 16)
+ عزيزي القارئ ألست مُعي أنه أن رفضنا محبة الله العجيبة هذه أخيراً بعد أن قدم لنا محبته بطول أناة وصبر ورأفة ورحمة، ومازال يقدمها بكهنوته في السماء لننال بره، يكون ذلك نوعاً من الاستهانة بهذه المحبة بل رفضها ورفض لطف الله هذا [ أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة، ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة ] (رو2: 2)
محبة إليك، أسرع إليه فهو الآن ينتظرك لتكون ابناً له ووارثاً لملكوته.
وكل عام وانتم بخير
م. فؤاد فريد قلتة
1 يناير 2012م – 22 كيهك 1728ش
البسوا الرب يســـــوع – إن كُنا لابسين لا نوجد عُراة
البسوا الرب يســـــوع – إن كُنا لابسين لا نوجد عُراة (رومية13: 14 – 2كورنثوس5: 3)
+ ألتزم العُري في الكتاب المقدس بفعل الخطية والتعدي على الله، حتى أن أبوينا الأولين عرفا هذا بعد الأكل من شجرة معرفة الخير والشرّ، أي بعد كسر وصية الله المقدسة ومشورته الصالحة، فقال عنهم الكتاب [ فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان ] (تك3: 7).
+ ولكن الله يقرع لكي يفتح له الإنسان ويطلب نفسه منذ السقوط [ فنادى الرب الإله آدم وقال لهُ أين أنت ] (تك3: 9). فرد المسكين العُريان المفضوح الذي لا يستطيع أن يواجه الله القدوس الصالح قائلاً: [ سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عُريان فاختبأت ] (تك3: 10)، وليُلاحظ القارئ الحبيب أن آدم قال هذا للرب بعد أن ستر عُريه بأوراق التين [ فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر ] (تك3: 7). إذن الأمر ليس ثوب خارجي يرتديه الجسد لكي يظهر بدون فضيحة، ولكن العُري هنا فضيحة خلع مثال الله وطمث صورته فيظهر الإنسان هُنا عاري من الله مفضوح، فلا يستطيع أن يتقابل مع الله، أي غير لابس البرّ والصلاح والقداسة، لأن الكتاب قال عن أبوينا صراحة قبل السقوط [ وكانا كلاهما عُريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان ] (تك2: 25). وظل قرع الله ، ففي النشيد يُنادي الرب النفس قائلاً لها: [ افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن راسي امتلأ من الطل وقُصصي من ندى الليل ] (نش5: 3). فترد المسكينة العارية [ قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه ] (نش5: 3). هذا هو سؤال البشرية العُريانة والمفضوحة والخالعة لبرها وقداستها، فهي لم تستطع الجواب على الله والظهور أمامه بدون أن تلبس برّ الله وقداسته أي ثوبها المفقود. ومنظرها المطروح في التراب. ولا منظر لها ولا جمال ليُحبها خالقها.
+ ومع هذه المأساة للنفس المفضوحة العريانة يُبادر الله بقصة غاية في الحب والجمال، أسمعها يا حبيبي القارئ: […قد كنت عريانة وعارية. فمررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك و حلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي… وألبستك مطرزة ونعلتك بالتخس (أي ألبستك أحذية مصنوعة من جلود سميكة) وآزرتك بالكتان وكسوتك بزا. وحليتك بالحلي فوضعت أسورة في يديك وطوقاً في عنقك. ووضعت خزامة في أنفك وأقراطاً في أذنيك وتاج جمال على رأسك. فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبَزَّ والمُطرز… وجملت جداً جدا فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الأمم لجمالك لأنه كان كاملاً ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب. ] (حز16: 7 – 14)
كان هذا العهد شهوة الناظرين بعين الإيمان المشتاقين لثياب الخلاص. ولكن كل ما صنعه الإنسان زاد من ظهور العُري ولم يقدر الآباء ولا الأنبياء ولا الناموس ولا موسى ولا الكهنة ولا كل فروض التطهير أن تُلبس الإنسان بره وشفاءه من خطيئته.
+ ما خلعناه الآن يا حبيبي القارئ ولم نستطع أن نُلبسه مهما صنعنا، تنازل الله في شخص يسوع المسيح ابنه ولبس هو جسدنا العُريان ليُعطيه ثوبه المفقود ولن يستحي من منظرنا لكي يُلبسه منظره، أي قداسته وحبه وبره [ لأن المُقَدَّسَ والمُقَدَّسِينَ جميعهم من واحد، فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة… فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، أشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ] (عب2: 11، 14)
لذا تمت فيه كل فضيحة وخزي وعار لنا لكي يتم فينا كل برّ وفداء وقداسة، ولذلك عند الصليب [ عروه وألبسوه رداءً قُرمُزياً ] (مت27: 28) أي جردوه من لُباسه لينال الحكم القضائي كعُريان ومفضوح [ وإذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها ] (لو23: 34)، وهذا ما رآه داود فقال عن لسانه [ من أجلك احتملت العار، غطى الخجل وجهي ] (مز69: 7).
+ الآن صار خلاص لكل البشرية التي تم فيها القضاء والحكم في شخص يسوع المسيح البار، فاتشحت ببر الله من جديد، انتهى العُري والفضيحة إلى الأبد، لأن الرب نفسه قد تعرى والفضيحة جاءت لتمسكه ولكنه هو البار فلم تستطع أن تُمسكه، أنه الله المتجسد صاحب العهد الجديد، وهُنا اتشحت الخليقة الجديدة بالمسيح الرب [ لأنه في المسيح يسوع ليس الختان (علامة العهد القديم) ينفع شيئاً ولا الغُرلة، بل الخليقة الجديدة ] (غلا6: 15)
+ فلا تظن أنك في غنى، بل أنت محتاج إلى ما تلبسهُ دائماً لكي لا تظهر عورتك. أنه برّ يسوع تلبسه وتظهر به في القضاء، فلا يظهر عليك شيء من الدينونة. يعقوب حينما أراد أن يأخذ البركة من أبيه لبس ملابس عيسو، فلم يعرفه أبوه وأعطاه بركة البكورية ونحن في ذواتنا لا نستحق من الله شيئاً، ولكن متى لبسنا البرّ يسوع المسيح فيعرف الآب السماوي أننا من أولاده الوارثين مع ابنه، المفديين بدمه، فهل مازلت تقول [ أني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء ولست تعلم أنك أنت الشَّقِيُّ والبَئِس، وفَقيِر وأَعْمَى وعُرْيَان. أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مُصفى بنار لكي تستغني وثياباً بيضا لكي تلبس فلا يظهر خزي عُريتك ] (رؤ3: 17، 18)
+ مازالت دعوة الحب على أقصى درجة من الصُراخ لكل البشرية التي تُريد أن تُستر عُريها، فلابد أن نلبسه لأنه هو الوحيد الذي يسترنا أمام الآب [ ألبسوا الرب يسوع ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات ] (رو3: 14)، هذا هو إيمان كنيستنا، ففي طقس المعمودية يتعرى الإنسان تماماً ليلبس الرداء الوحيد للحياة [ لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح ] (غل3: 27)، [ فدفنا معهُ بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة (معنى لبس الرب) ] (رو6: 4).
+ لا تتخاذل الآن بل بجرأة تقدم إليه فهو أبيك الذي سيصنع لك الوليمة ويفرح بك ويُنادي [ أخرجوا الحُلة الأولى وألبسوه، أجعلوا خاتماً في يده وحذاءً في رجليه ] (لو15: 22)، فهو حبيب العُراة الذين يأتون إليه بتوبة حقيقية.
+ ألبسوه يا إخوة وجدوا لكي لا تخلعوه، فنحن لا نقدر على هذا العُري المُخزي، وهذا الفرح المجاني باللقاء مع الآب في المسيح قد أُعدَّ لنا !!!
+ [ هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف ] (رؤ7: 14)
+ أفرحوا في صبركم أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرَّ أن يعطيكم الملكوت [ عندك أسماء قليلة في ساردس (كنيسة في آسيا الصغرى) لم ينجسوا ثيابهم فسيمشون معي في ثياب بيض لأنهم مستحقون، من يغلب فذلك سيلبس ثيابٍ بيض ولن أمحو اسمه من سفر الحياة ] (رؤ3: 4، 5).
+ يا لروعة جمالك وعزة انتصارك يا كنيسة المسيح اللابسة إياه، يا لقداسة رجالك وحشمة نساءك وطهارة شبابك وبراءة أطفالك [ ألبسي عزك… ألبسي ثياب جمالك لأنه لا يعود يدخلك فيما بعد أغلف ولا نجس ] (أش52: 1)
يطلب إثم فلا يكون، خطية فلا توجد
يطلب إثم… فلا يكون، خطية… فلا توجد – (أرميا 50: 20)
+ ابني حبيبي. اهدأ الآن واسمع صوتي لا تفلت مني، إني أُحبك جداً حب أبدي – رغم إنك تركتني كثيراً – فاتحاً يدي لكي أضمك إلى صدري فهربت مني، أرسلت لك أحبائي الذين عرفوني ولمسوا حبي فلم تسمع لهم. أرسلت لك بشارتي وإنجيلي فقرأت وتأثرت كثيراً ولكنك لم تُسلم لي حياتك إلى الآن. سترت لك على خطايا كثيرة لكي لا تُفضح ولكنك ضربت بستري عرض الحائط وَقَسَّيْت قلبك عليَّ، أرشدتك، نصحتك… وأنت تعرف كثيراً بما فعلته بك… !!؛ قف. قف. لا تشكرني على هذا لأن محبتي تُلزمني أن أعمل هكذا من أجلك.
+ أسالك أجبني بصراحة، وأنا أراك مُشتاقاً للحياة معي، فما الذي يؤخرك عن الحياة معي؟!! هل ضعفك وإثمك وخطيئتك؟ ما بالك إلى الآن لا تعرف عملي وكأحد الجُهال تعيش؟!! أقول لك : [ يطلب إثم إسرائيل فلا يكون، وخطية يهوذا فلا توجد لأني أغفر لمن أبقيه ] (أر50: 20) .
أنا لا أطلب أثمك، ولا توجد لك خطية عندي، أنا أبقيتك إلى الآن لكي أعرفك أنني غفرت لك تماماً!! أنا يسوع يا ابني. [ المجروح لأجل معاصيك، المسحوق لأجل آثامك. تأديب سلامك وقع عليَّ وبجراحاتي أنت شُفيت. الكل كغنم ضلوا، مال كل واحد إلى طريقه وأنا وُضِعَ عليَّ إثم الجميع… ظُلمت… تذللت… ساقوني كشاة للذبح… من الضغطة ومن الدينونة أُخذت… ضُربت من أجل ذنبك… على إني لم أعمل ظُلماً ولم يكن فيَّ غش ] (أش53: 5 – 9)
+ ألم تُصدق إلى الآن؟ آه يا حبيبي هل يعميك الشيطان؟ هل لذة الجسد وشهواته تُعطل حبي لك؟ تعالى معي على طريق دمشق وانظر إلى شاول القاسي الذي صنعت به قوة حياة وقلت له [ لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المفديين ] (أع26: 18)
صدق يا ابني: لا الشيطان ولا الظلمة ولا الجسد يقدر أن يبعد حبي لك، الكل هزمته لك على الصليب. آه [ من صدق خبرنا ولمن إستُعلنت ذراع الرب ] (أش53: 1)
+ ماذا تُريد؟ هل تلوم نفسك لأنك تأخرت عن النداء مرات عديدة؟ هل تلوم أحد مهما كان في الكنيسة أو خارجها أنه السبب في عثرتك وضياعك؟ هل أنا تأخرت عليك؟
كف عن الشكوى يا ابني!! [ ولا يُعلَّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين إعرفوا الرب لأنهم كلهم سيعرفوني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب. لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد ] (ار31: 34)
+ حبي لك يدفعني بسؤال وسوف لا أتركك إن لم تجاوبني: هل ضميرك مازال متعباً أو متعثراً؟ أبداً يا ابني [ أنا سفكت دمي وبروح أزلي قدمت نفسي لله بلا عيب لأُطهر ضميرك من الأعمال الميتة لتخدم الله الحي ] (عب9: 14)
ابني أكتب إليك بدمي الذي للعهد الجديد [ لا تخف لأني معك. لا تلفت لأني إلهك. قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري ] (أش41: 10)
أحبـــــك.. أحبـــــك.. أحبـــــك
+ ربي وإلهي عند موطئ قدميك ها نفسي وحياتي. إن نار حبك يكويني ونداء روحك القدوس ينفجر فيَّ الآن، ودمك يسيل على جسدي ونفسي وروحي، ها أنا أؤمن يا سيد فشدد إيماني. أقبل دموعي، سوف لا أستهين بغنى لطفك وإمهالك وطول أناتك، فاقبل توبتي ربي وحبيبي يسوع… [ لأنه من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فأنه يُسرّ بالرأفة ] (مي7: 18)
+ ابني لا تعود تحتقر محبتي، تعالى الآن… ولا تتأخر ولا تحتقر عملي أو تنساه، أنت لي الآن وأنا لك فلنتعانق… حبيبك الرب يسوع المسيح.
حينئذٍ تتفتح عيون العُمي
حينئذٍ تتفتح عيون العُمي – أشعياء 35: 5
+ هذه رسالة مهمة وقراءتها تحتاج منك لهدوء وتركيز بسيط مع اهتمام بحياتك الأبدية ليُشرق لك نور الله .
+ أنت تعرف مشهدان في الحياة الطبيعية : هما النور والظلمة .
النور في الكتاب المقدس يرمز للسلوك بالبرّ والحياة حسب الروح والوضوح وعدم التعثر في الطريق والرؤية الصافية وعشرة الله والحياة الأبدية .
والظلمة هي السلوك بالفساد والحياة حسب الجسد والغموض والجهل والعمى والتعثر الدائم في الطريق أي الخطية وعشرة الشيطان والموت ، وأنت دائماً تُريد النور كموضوع عطش وإلحاح شديد فيك ، ولكنك تعيش الظلمة وأنت ممسوك بها ، وسؤالك المُلح من وقتٍ لآخر : ماذا تُريد يا رب أن أفعل ؟ أنقذني . ولكن أنتظر الجواب الآن واهدأ ، وصلي وأنت تقرأ ونحن متأكدين أن الجواب حاضر الآن معك . لأننا نُخبرك الآن باختبارٍ عظيم .
+ يبدأ الكتاب المُقدس ليُعلن عن وجود ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه ، ولكن دائماً أرتبط الروح الإلهي بالنور ، لأن حقيقة الله نور [ هذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة ] (1يو1: 5) ، [ الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور لا يُدنى منه ] (1تي6: 16) ، وهو [ أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران ] (يع1: 17) ، لذلك تكلم الله النور وقال : [ ليكن نور فكان نور ] (تك1: 3)
+ وخُلقنا نحن على صورة الله ومثاله أي حساسين لإشعاع نور الله ، وصار الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله يُمارس النور ويشع به على الخليقة كلها ، أي مرآة مصقولة بشدة تعكس قوة الله وأسراره على الخليقة التي تخضع له بسرّ عجيب من ذات قوة النور الموهوبة له من الله سيد الخليقة . هو عين تنظر بقوة لأنها سليمة يقع عليها الشعاع الإلهي فترى كل شيء إلهي ، لا وجود للظلمة ولا للفساد مكان . إلى أن حدث السقوط وانفصل الإنسان عن النور وانحجب وجه الله عنه [ سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عُريان فاختبأت ] (تك3: 10)
هُنا تَلَفت المرآة ، أعوجت أصولها ، فصارت لا تعكس النور ، بل لا تُدركه ، بل كل شُعاع يأتي إليها يضيع في طيات ظُلمتها ، فسدت ، كُسرت ، أُعمت العين ، فسد قاعها ، أصبحت ترى كل شيء فاسداً . أي دخل الإنسان في الظلمة والفساد ، فلابُدَّ أن يُطرد من وجه النور [ لأن الله فصل بين النور والظلمة ] (تك1: 4) ، [ فطُرِدَ الإنسان وأقام شرقي جنة عدن ] (تك3: 24) .
+ وحدث أكبر صراع بين الإنسان الظلمة والله النور . أي الإنسان المقبوض عليه بالظلمة وقانون الظالم (الشيطان) ، ومصدره الحقيقي والمشتاق إليه والذي يئن في داخله عليه وهو الله . وعندما يُريد أن يُذَكرّ الله الإنسان الخاطئ بهذه العُزلة المُرّة ، يضربه بالظلام كما حدث لفرعون [ ثم قال الرب لموسى : مد يدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر ثلاثة أيام . ولم يُبصر أحد أخاه . ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام (تذكير بمرارة العمى) ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم (العينة التي كانت تُمثل في ذلك الوقت العيون التي تُبصر) ] (خر10: 21 – 23) ، [ ويمنع عن الأشرار نورهم وتنكسر الذراع المرتفعة ] (اي38: 15)
+ السؤال منك الآن يُطرح : وماذا أفعل طالما أنا مقبوض عليَّ بالظلمة ؟!! ؛ الجواب سيصرُخ الآن في قلبك ، أنا متأكد من ذلك في نهاية هذه الرسالة ، ولكن آسف إن كُنت أعلن لك خطر يقف أمامك عندما تُريد الجواب على السؤال السابق ؛ وهذا الخطر هو : أنه مع الصراع تتخيل أنك تسير في النور ، ما لم تتخيل أنك أنت النور نفسك ، فتكتفي إما بأخلاقيات أو سلوك أو آداب عامة أو حتى فضائل تُمارسها وأنت في الظلمة ومنفصل تماماً عن النور فتزداد حالك ظلمة وعبث [ ولا عجب لأن الشيطان نفسه يُغير شكله إلى شبه ملاك نور ، فليس عظيماً إن كان خُدامه أيضاً يُغيرون شكلهم كخُدام للبرّ ، الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم ] (2كو11: 14 – 15)
+ ولكن الجواب معنا ، وقد أُعطىَ كوعد بتدبير إلهي لإنسان الخطية والفساد والظلمة ، بالإنهاء على رئيس الظلمة نفسه ، الشيطان المُمَثل في الحية [ وأضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك ، وأنتِ تسحقين عقبة ] (تك3: 15) ، والملحوظ في هذا الوعد ، أن نسل المرأة عبر عنه كشخص مفرد (هو يسحق) ، إذاً لابُدَّ أن يأتي من هو غير موضوع تحت حكم الحية ، ويغلب ظُلم الشيطان وقانون ظلمته ، فيسحق رأس الحية ، أي الداء نفسه الذي سبب هذا الصراع المرير .
+ إلى أن جاء المسيح ابن الله الذي هو (نور من نور) [ مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني ] (غل4: 4) . هُنا ظهر الله في الجسد ، النور في الطبيعة التي انقبض عليها بالظلام ، حاملاً هذه الطبيعة ، غالباً ظُلمتها بنوره المتدفق فيها بقوة ، أي جعل البشرية المُظلمة والمظلومة من العدو متحدة بالطبيعة الإلهية الغالبة النورانية (النور الذي لا يُدنى منه) . [ أنا الرب دعوتك بالبرّ ، فامسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم لتفتح عيون العُمي ، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن ، الجالسين في الظلمة ] (أش42: 6، 7)
ويدخل الرب يسوع عالم الظلمة ويُصارع رئيس هذا العالم الشيطان الظالم في البرية ويغلبه ، ثم يدخل معه أكبر معركة ، هي معركة الصليب ، وقبل أن يتقدم الرب للصليب يحزن ويكتئب ويتصبب عرقه كقطرات دم ، لأنه نور من نور وصعب عليه أن يجوز عالم الظُلمة والخطيئة والفساد ليُعاقب بدلاً عني وعنك يا من تسأل ماذا أفعل ؟
ولذلك قال لرؤساء الكهنة وقواد جُند الهيكل والشيوخ الذين قبضوا عليه [ ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظُلمة ] (لو22: 53) ، وعلى الصليب صارع الرب الظلمة في أقوى صراع لكي يُنهي عليها ويكسرها في أقوى حالتها [ وكان نحو الساعة السادسة فكانت ظُلمة على الأرض كُلها إلى الساعة التاسعة ] (لو23: 44) ، وغلب الرب يسوع الشيطان وقوة ظلمته حينما صرخ على الصليب [ قد أُكمل ] . وقام نوره العجيب من القبر فاضحاً الظلمة والهاوية والفساد الذي لم يستطع أن يُمسكه ، لأنه قوة النور الذي لا يغيب [ الشعب السالك (الجالس) في الظلمة أبصر نوراً عظيماً . الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور ] (أش9: 2)
+ هُنا يا أخي الحبيب الجواب ينطق ، لقد انفجرت قوة البرّ والحياة والنور في كيان طبيعتنا البشرية ، وعلى كل متعطش للنور أن يؤمن بالرب يسوع النور الحقيقي الغالب الظلمة والذي ترك القبر مصدر الظلام يُضيء بقوة فتسري في هذا المتعطش نور يشعر به فجأة ، أو يتغلغل فيه النور رويداً رويداً ، ولكنه يشعر بقوة تغيير تسري فيه يوماً بعد يوماً بالتوبة الدائمة والثقة في الرب النور [ أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة ] (يو8: 12) … سبحوا الله … هلليلويا
-
أفرحوا يا إخوة بنوره العجيب الذي حررنا من ظلمة الظالم .
-
قدسوا حياتكم يا شعب المسيح بالسلوك فيه وبوصاياه [ أن سلكنا في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يُطهرنا من كل خطية ] (1يو1: 7)
-
لا تسمحوا بعمى شيطاني يُفسد عليكم إضاءة الإنجيل (البشارة المُفرحة المُنيرة) [ الذين فيهم إله هذا الدهر أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل المسيح الذي هو صورة الله ] (2كو4: 4)
-
أرفعوا عيونكم إلى ناحية المشرق ، فأنتم أبناء نور لئلا تدرككم الدينونة [ وهذه هي الدينونة : أن النور جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور ، لأن أعمالهم كانت شريرة ] (يو3: 19)
-
أما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة حتى يُدرككم ذلك اليوم كلص ، جميعكم أبناء نور وأبناء نهار ، لسنا من ليل ولا ظلمة ] (أش5: 4، 5)
رسائل للتوبة
رســــــــــائل للتوبـــــــــة
+ هذه الرسائل التي نبدأ بها معك ، إنما هي لخلاصك شخصياً ، ونطلب منك أن تقرأها ببساطة وهدوء وكشف لنفسك ولعلاقتك مع الله .
+ قد تكون أيها القارئ إنسان دنيوي لم تسمع أو سمعت عن العلاقة مع الله في شخص يسوع المسيح ، ولم تكتشف ما أنت فيه من حال ومكتفي بحياتك المُظلمة والخطية عادية جداً عندك ولازمة للحياة ، وتسعى وراء مستقبلك أو رزقك ويشغلك هذا عن كنز لم تكتشفه بعد ، وحياتك رتيبة ، ولكنك للأسف لم تعرف قيمة الحياة مع الله كاختبار ، ومكتفي بما أنت فيه . ولكن اسمع ما يقوله لك الروح :
-
[ قد صرنا كلنا كنجس و كثوب عدة كل أعمال برنا وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا ] (أش64: 6)
-
[ القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه ] (أر17: 9)
هذه الآيات لا لرعبك ، ولكن لتُحدد موقفك الآن وكفاك ما أنت فيه .
آه يا رب ، غيَّر واصنع في هذه القلوب عملك وأعلن ذاتك يا ابن الله ليعرفك العالم الدنيوي ويعرف كنزك المخفي ، فيستهين بكل شيء أمام تياراتك الدافعة القوية .
+ قد تكون إنساناً قد سمع عن الله وعرف أن حقيقة الحياة بدونه تَعِسَة !!! ، أي حددت موقفك وعرفت أن الحياة الدنيوية حسب الخطية والفساد والشرّ إنما تجلب العار على صورتك التي خُلِقَت على صورة الله ومثاله ، ومع تحديدك ومعرفتك الطريق مازلت تعيش كالجاهل ، تُعزبك الخطية وتصنعها سواء بعد رفض طويل أو تفعلها سريعاً مع أول نداءٍ لها . تفعلها كعادة تمرر نفسك أحياناً أو لا تُمررها فتَعبُر عليها وتُريح ضميرك بكلمات سريعة ، هكذا يعيش العالم كله الآن .
عزيزي : المسألة لم تَعُد هكذا ببساطة ، فأجرة الخطية موت حتى على ابن أمة الرب يسوع المسيح الذي حمل خطايانا وصُلِبَ واُهين ومات – اسمع صوت الروح يقول :
-
[ إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم ] (عب4: 7)
-
[ مادام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور ] (يو13: 36)
إذن المسألة يا عزيزي مسألة موت أو حياة ، أختار ما تُريد …
+ فقد تكون إنساناً عرف هذه الحقيقة : إن المسألة مسألة موت أو حياة ، وأنت الآن جاد في طريقك مع الله ، أحياناً تجمع كل إرادتك لتسير في النور أو تارة أخرى تترك كل هذا الميراث خلفك وإرادتك تكون ضعيفة ، بل ميتة ، وطريق الله بالنسبة لك هو طريق المُعذبين على الأرض !!!
إخلاصك هذا يا عزيزي جميل جداً ، ولكنك تُريد أن تعيش بطريق ليس هو طريق المسيح ، أعرف أن الرب يسوع قد دفع عنك كل شيء ، وأنت منذ أن تتفجر في قلبك وضميرك وإحساسك ومشاعرك كلها هذه الحقيقة : أن المسيح مات وغلب الموت والخطية والضعف على الصليب ، وأنه قام ناقضاً أو جاع الموت ، لم يعد إنسانك محصوراً الآن في مسألة الموت أو الحياة ، ولكنك دخلت إلى الحياة .
-
[ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة ، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كو4: 6)
-
[ أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا ، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد ] (يو11: 25 – 26)
-
[ أي أن الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه ، غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المُصالحة ] (2كو5: 19) .
فأنت لم ولن تُخلِّص نفسك بأية طريقة ومهما كانت روحية : [ ليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطيَّ بين الناس بهِ ينبغي أن نَخْلُصَ ] (أع4: 12)
فتمسك بمسيحك المُنتصر على الموت بإيمان ثابت مهما كان ضعفك وخطيئتك وتعبك وفتورك وجفافك ، فهو حبيب المرضى وشافيهم إن تمسكوا به وثبتوا فيه [ أثبتوا فيَّ وأنا فيكم كما أن الغُصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبُت في الكرمة ، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ ] (يو15: 4) .
+ قد تكون إنسان اكتشف هذا وسَلَّمت بالفعل حياتك بحب للمسيح وقد عمل فيك فترة من الزمن ، ولكنك تحت ضغط العالم وهموم هذا الزمان الحاضر ، لن أقول تركت المسيح ، بل أقول بردت العلاقة بينك وبينه ، ولم تعد كما بدأت بغيرة ، وأنت مُهدد أن تفقد هذه العشرة التي ليست من الأرض ، وكل هذا بسبب الانشغال بهمومك وارتباطاتك وبمشاغلك التي يُهيئها لك الشيطان كأنها أمر عادي وهي مطالب الإنسان الطبيعي من أكل وشُرب ونوم ومستقبل وزواج وأُسرة وأولاد … الخ … ولكن اسمع الروح يقول لك :-
-
[ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة ] (مت26: 41)
-
[ ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى ، بل إلى التي لا تُرى ، لأن التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية ] (2كو4: 18)
-
[ فأنتم أيها الأحباء إذ قد سبقتم فعرفتم احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم . ولكن انموا في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح ] (2بط3: 17، 18)
لا تسمح يا عزيزي أن تدخل تحت أي هم أو خلافه ، تشعر أنه سيشدك عن طريق المسيح الذي اكتويت بحبه واختبرت حلاوة العشرة معهُ وحُريتك كابن من أولاده .
ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية
[ ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية ] (مز24: 7)
+ في الغالب – أيها القارئ الحبيب – سمعت صوت قلبك لكي تسير مع الله ؛ وسعيت كثيراً لهذا الطريق المجيد ؛ ووصلت في نهاية المطاف إلى طريق مُحكم الإغلاق وله أبواب ضخمة ، وتنهدت وقلت : إن الحياة مع الله ليست لي !!!
فأنت يا عزيزي صادق جداً لأنك وقفت أمام أبواب مُغلقة أمام البشرية كلها وليست أمامك وحدك … فالطريق الذي يؤدي بنا إلى الحياة مع الله ، كُلنا مطرودين منه ، وعليه حراسة مُشددة حيث طُرد آدم أبو البشرية كلها من جنة الله ، أي الحياة مع الله . [ فطُرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن . الكروبيم (الملائكة الحُراس) ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة ] (تك3: 24) .
نقول لك عزيزي القارئ : إنه ليس بار ولا واحد ، حتى يتقدم لهذه الأبواب مرة أُخرى ، ولا واحد .
+ فالدخول إلى هذه الأبواب الدهرية . الأبواب المُغلقة أمام كل الأجيال ، معناه تماماً معركة مريرة ، وكل من يدخل سينكشف قلبه أمام الحُراس الذين سيفحصونه بالسيف من الداخل والخارج . هل هو لا فَعَلَ ، ولا يفعل ، ولا سيفعل خطية ؟ أي خطية مهما كان نوعها !!!
وهذا قطعاً غير موجود بين البشر إطلاقاً . إذاً لم ولن يجرؤ أحد على الاقتراب من الحراس حاملي لهيب سيف متقلب … [ آه يا رب خلِّص … آه يا رب أنقذ … ] (مز118: 25) . هذا تنهُد الأجيال !!
+ عزيزي القارئ ، الله الآب الذي خلقنا لا يُمكن أن يتركنا هكذا ، فلابُدَّ أن يجعل لنا المخرج . هذا هو الفرح العجيب . فجاء ابن الله وهو قدوس جداً ، وأخذ جسدي وجسدك وجسد العالم كله وبجبروته دخل ميدان المعركة على الأبواب المُغلقة ، وبحبه كراعٍ صالح بذل نفسه عن كل العالم ، فهجم عليه الحراس بالسيف ليفحصوه [ استيقظ يا سيف على راعي (الرب يسوع المسيح) وعلى رجل رفقتي (المسيح الذي تجسد) ] (زك13: 7) .
ومن شدة الفحص مات الرب يسوع على الصليب كحامل خطية العالم كله !!! ولكن بجبروته وقوته كبارٍ والوحيد في الناس ، في برّه غلب الموت وقام منتصراً حتى اضطر الملاك ولعله من الحُراس أن يُدحرج له الحجر خاضعاً خاشعاً عابداً لجلاله وجماله [ فإذ قد تشارك الأولاد ( كل من يؤمن بالمسيح) في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سُلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية ] (عبرانيين2: 14، 15) ، هلليلويا … هلليلويا … لم يمسكه الموت فغلب لنا وفتح أبواب القبر .
ليس هذا فقط بل صعد إلى السماء بجسدنا جميعاً بجداره وبقوة من غلب بسلطانه وحده ، فتحيرت قوات السماوات فيه وقالت له : [ من ذا الآتي … بثيابٍ حُمر … هذا البهي بملابسه ، المتعظم بكثرة قوته ] ، فرد بهيبته ليفسحوا لهُ الطريق قائلاً : [ أنا المتكلم بالبرّ العظيم للخلاص ] (أش63: 1) ، فانفتح الباب ولا يستطيع أحد الآن أن يغلقه إطلاقاً ، حيث صار الطريق لكل الشعوب المفدية بالرب يسوع [ أقامنا معهُ ، وأجلسنا معهُ في السمويات في المسيح يسوع ] (اف2: 6)
+ حبيبنا القارئ ، لقد فُتِحَ الباب الآن ، أسرع … أسرع ولا تُبطئ . أدخل وقدم قلبك للرب يسوع … فأنت لست صغيراً أو ضعيفاً ، بل الرب معك في ذات الوقت الذي تتقدم فيه للباب فتصير به قوياً جداً [ الصغير يصير ألفاً والحقير أُمة قويه . أنا الرب في وقته أسرع به ] (أش60: 22)
-
فلا تسترجع خبرات الطريق الماضي الميت الآن ، لأنه فُتحت سكة وطريق ، لا تخاف من عدم معرفتك لأي شيء بل افرح . افرح وتقدم [ وتكون هُناك سكة وطريق يُقال لها الطريق المُقدسة … من سلك في الطريق حتى الجُهال لا يضل ] (أش35: 8)
-
إن طريقك لا يحتاج إلى استكشاف أو بحث ، فكل شيء مُنير الآن ، فلا ظلام فيه . فلا تدع العالم المُظلم يخدعك . القِ كل حياتك وحملك عليه ، فهو فاتحاً يديه لك ويُرحب بك في وضح النهار ، حيث المدينة التي أنت داخل إليها مُنيرة ببهائه [ وأبوابها لن تُغلق نهاراً لأن ليلاً لا يكون هُناك ] (رؤ21: 25)
-
هيا يا شعب المسيح أدخلوا جموعاً جموعاً من الأبواب ، احفظوا الأمانة وغنوا أغنية الفرح المجيد [ في ذلك اليوم يُغنى بهذه الأغنية … لنا مدينة قوية ، يجعل الخلاص أسواراً ومترسة ، افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة الأمانة ] (أش26: 1، 2)
-
أهربوا من أرض الظلم والخراب وأوطان سوف تزول ، فأنتم لكم أسوار خلاص أدخلوا أبوابها مسبحين حيث [ لا يسمع بعد ظُلم في أرضك ولا خراب أو سحق في تخومك بل تُسمين أسوارك خلاصاً ، وأبوابك تسبيحاً ] (أش60: 18)
-
أدخلوا الصفوف واصطفوا صارخين مع جماعة المفديين قائلين : [ افتحوا لي أبواب البرّ . أدخل فيها وأحمد الرب ] (مز118: 19) فهاهم [ مفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون (الكنيسة) بترنم و فرح أبدي على رؤوسهم … ] (اش35: 10)